فصل: (سورة فصلت: الآيات 37- 39):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة فصلت: الآيات 30- 36]:

{إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32) وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحًا وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَما يُلَقَّاها إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36)}.

.اللغة:

{يَنْزَغَنَّكَ}: النزغ والنسغ بمعنى وهو شبه النخس والشيطان ينزغ الإنسان كأنه ينخسه ببعثه على ما لا ينبغي والمراد الوسوسة وفي معاجم اللغة: نزغ ينزغ من باب ضرب نزغا بين القوم أفسد ويقال نزغ الشيطان بينهم أي أغرى بعضهم ببعض ونزغه الشيطان إلى المعاصي أي حثه ونزغ الشيطان وساوسه وما يحمل الإنسان على المعاصي.

.الإعراب:

{إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ} كلام مستأنف مسوق للشروع في بيان حال المؤمنين في الدنيا والآخرة بعد بيان حال الكافرين. وإن واسمها وجملة قالوا صلة وربنا مبتدأ واللّه خبر والجملة مقول القول وثم حرف عطف للتراخي في الزمان واستقاموا فعل ماض وفاعل وجملة تتنزل عليهم الملائكة خبر إن.
{أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} أن مصدرية أو مخففة فعلى الأول يصح أن تكون لا ناهية وأن تكون نافية وتخافوا منصوب بأن وعلى الثاني لا يصح إلا أن تكون مخففة ولا ناهية وعلى كل حال هي ومدخولها منصوب بنزع الخافض والجار والمجرور متعلقان بمحذوف في موضع الحال أي قائلين، وعلى هذا لا يبعد احتمال كونها مفسرة لأن التنزيل فيه معنى القول ولا تحزنوا عطف على لا تخافوا وأبشروا فعل أمر معطوف على ما قبله وبالجنة متعلقان بأبشروا والتي نعت وجملة كنتم صلة وكان واسمها وجملة توعدون خبر كنتم.
{نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ} تتمة مقول قول الملائكة ونحن مبتدأ وأولياؤكم خبر وفي الحياة الدنيا متعلقان بأولياؤكم لأنه جمع ولي من الولاية وهي الحفظ أي نحن الحفظة لأعمالكم في الدنيا وفي الآخرة ويجوز تعليقه بمحذوف حال وفي الآخرة عطف.
{وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ} الواو عاطفة ولكم خبر مقدم وفيها متعلقان بمحذوف حال والضمير يعود على الجنة وما مبتدأ مؤخر وجملة تشتهي أنفسكم صلة ولكم فيها ما تدعون عطف على الجملة السابقة وتدعون من الدعاء بمعنى الطلب والتمني وفي المصباح: ادعيت الشيء تمنيته وادعيته طلبته.
{نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} نزلا حال مما تدعون والنزل تقدم شرحه وهو القرى الذي يهيأ لاكرامة وسمي به المكان مجاز فهو مصدر وقال أبو البقاء: نزلا فيه وجهان أحدهما هو مصدر في موضع الحال من الهاء المحذوفة أو من ما أي لكم الذي تدعونه معدا وما أشبهه ومن نعت له والثاني هو جمع نازل مثل صار وصبر فيكون حالا من الواو في تدعون أو من الكاف في لكم فعلى هذا يتعلق من بتدعون أي يطلبونه من غفور أو بالظرف أي استقر ذلك من غفور فيكون حالا من ما هذا وقد نصبه الجلال بجعله مقدرا.
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحًا وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} الواو عاطفة ومن اسم استفهام مبتدأ ومعناه النفي أي لا أحد أحسن وأحسن خبر وقولا تمييز وممن متعلقان بأحسن وجملة دعا إلى اللّه صلة من وجملة وعمل صالحا عطف على دعا إلى اللّه، وجعلها أبو حيان حالية وليس ثمة ما يمنع ذلك، وصالحا مفعول به أو نعت لمصدر محذوف أي عمل عملا صالحا وقال عطف على ما قبله وإنني من المسلمين إن واسمها وخبرها في موضع نصب لأنها مقول القول.
{وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} كلام مستأنف مسوق لتشريع المعاملة بين البشر بعد بيان حسن المعاملة بين العبد وبين ربه ولا نافية وتستوي الحسنة فعل مضارع وفاعل ولا السيئة عطف على الحسنة وادفع فعل أمر وبالتي متعلقان بادفع والتي صفة لموصوف محذوف أي بالخصلة وهي مبتدأ وأحسن خبر والجملة صلة وفي هذا الكلام تأويلان ألمع إليهما البيضاوي تبعا للكشاف قال: أي ادفع السيئة حيث اعترضتك بالتي هي أحسن منها وهي الحسنة على أن المراد بالأحسن الزائد مطلقا أو ادفع بالتي هي أحسن ما يمكن دفعها به من الحسنات واختار الجلال الأول ومثل له بقوله: كالغضب بالصبر والجهل بالحلم والإساءة بالعفو.
{فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} قالوا أن الفاء هي التعليلية الدالة على أن ما بعدها علة ما قبلها وأرى أن الفصيحة هنا أولى لأنها جواب شرط مقدر والتقدير أي إذا دفعت بالتي هي أحسن فإذا الذي، وإذا للمفاجأة ولابد من جعلها ظرفا للمكان لمعنى التشبيه وهذا مبني على القول باسميتها وجاز تقدم هذا الظرف على عامله المعنوي لأنه يتسع في الظروف ما لا يتسع في غيرها والذي مبتدأ وبينك ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم وعداوة مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية صلة، وكأنه كان واسمها وولي حميم خبران كأن والجملة التشبيهية في رفع خبر الذي وعبارة أبي البقاء كأنه ولي فيه وجهان أحدهما حال من الذي بصلته والذي مبتدأ وإذا للمفاجأة وهي خبر المبتدأ أي فبالحضرة المعادي مشبها للولي الحميم والفائدة تحصل من الحال والثاني أن يكون خبر المبتدأ وإذا ظرف لمعنى التشبيه والظرف يتقدم على العامل المعنوي.
{وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا} الواو حرف عطف وما نافية ويلقاها فعل مضارع مبني للمجهول والهاء مفعول به ثان والضمير يعود على الخصلة الحسنة وهي مقابلة السيئة بالحسنة وإلا أداة حصر والذين نائب فاعل يلقاها وجملة صبروا لا محل لها لأنها صلة.
{وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} عطف على سابقتها مماثلة لها في إعرابها.
{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} الواو عاطفة وإن شرطية أدغمت نونها في ما الزائدة وينزغنك فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة في محل جزم فعل الشرط والكاف مفعول به مقدم ومن الشيطان حال لأنه كان في الأصل صفة لنزغ ونزغ فاعل مؤخر، فاستعذ الفاء رابطة واستعذ فعل أمر والفاعل مستتر تقديره أنت وباللّه متعلقان باستعذ وإن واسمها وهو ضمير فصل أو مبتدأ والسميع العليم خبران لإن أو لهو والجملة خبر إن.

.البلاغة:

في قوله: {إن الذين قالوا ربنا اللّه ثم استقاموا} إيجاز بليغ لأن الاستقامة كلمة شملت جميع صفات التقوى قال عمر: الاستقامة:
أن تستقم على الأمر والنهي ولا تروغ روغان الثعلب وأنت تعلم ما ينطوي تحت الأمر والنهي من أوامر ومناه. وأقل انحراف عن الطريق المستقيم يخرجه عن استقامته، ذلك لأن الخط المستقيم هو أقصر بعد بين نقطتين فهو لا يحتمل الانجراف ولو كان أدنى من اليسير.
وفي الآيات من الطباق وجناس الاشتقاق ما لا يخفى فلذلك اكتفينا بالإشارة إليها.

.[سورة فصلت: الآيات 37- 39]:

{وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37) فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ (38) وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شيء قَدِيرٌ (39)}.

.اللغة:

{رَبَتْ} انتفخت وعلت قبل أن تنبت ويقال للموضع المرتفع ربوة ورابية وسيأتي مزيد من شرحه في باب البلاغة.

.الإعراب:

{وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} كلام مستأنف مسوق لإيراد أربع آيات من آياته تعالى ومن آياته خبر مقدم والليل مبتدأ مؤخر وما بعده عطف عليه.
{لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} لا ناهية وتسجدوا فعل مضارع مجزوم بلا وللشمس متعلقان بتسجدوا ولا للقمر عطف، واسجدوا للّه عطف آخر والذي نعت للّه وجملة خلقهن صلة والضمير يعود إلى الآيات ولذلك عبّر عن الأربع بضمير الإناث مع أن فيها ثلاثة مذكرة والعادة تغليب المذكر على المؤنث لأنه لما قال ومن آياته فنظم الأربعة في سلك الآيات صار كل واحد منها آية فعبّر عنها بضمير الإناث. وإن شرطية وكنتم فعل ماض ناقص والتاء اسمها وهو فعل الشرط وإياه مفعول مقدم لتعبدون وجملة تعبدون خبر كنتم وجواب الشرط محذوف تقديره فاسجدوا له.
{فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ} الفاء عاطفة وإن شرطية واستكبروا فعل ماض وفاعله وهو في محل جزم فعل الشرط، فالذين الفاء تعليل لجواب الشرط المحذوف وتقديره فدعهم وشأنهم والذين مبتدأ وعند ربك الظرف متعلق بمحذوف صلة الذين والظرفية هنا مكانة وتشريف وهي تعبير عن الزلفى والكرامة وجملة يسبحون خبر الذين وله متعلقان بيسبحون والليل والنهار متعلقان بيسبحون أيضا والواو عاطفة أو حالية وهم مبتدأ وجملة لا يسأمون خبر.
{وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} الواو عاطفة على ما سبق ومن آياته خبر مقدم وأن وما في حيزها مبتدأ مؤخر وانك أن واسمها وجملة ترى الأرض خبر وخاشعة حال أي يابسة لا نبات فيها، وسيأتي مزيد من هذا البحث في باب البلاغة، ولك أن تجعل الرؤية علمية فتكون خاشعة مفعولا به ثانيا، فإذا الفاء عاطفة وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط وجملة أنزلنا في محل جر بإضافة الظرف إليها وعليها متعلقان بأنزلنا والماء مفعول به وجملة اهتزت لا محل لها وربت عطف على اهتزت.
{إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شيء قَدِيرٌ} تعليل لاهتزاز الأرض اليابسة وربوها وإن واسمها وجملة أحياها صلة واللام المزحلقة ومحيي الموتى خبر إن وإن واسمها وعلى كل شيء متعلقان بقدير وقدير خبرها.

.البلاغة:

في قوله: {أنك ترى الأرض خاشعة} استعارة مكنية فقد استعير الخشوع وهو التذلل والتقاصر لحال الأرض عند قحطها وجفافها كما استعير الهمود لها في قوله: {وترى الأرض هامدة} وكذلك يسري القول على الاهتزاز والربو، يقال اهتز الإنسان أي تحرك، وربت أي انتفخت وعلت قبل أن تنبت وعلى هذا التقدير يكون في الكلام تقديم وتأخير وتقديره ربت واهتزت، والاهتزاز والربو قد يكونان قبل الخروج من الأرض وقد يكونان بعد خروج النبات إلى وجه الأرض فربوها ارتفاعها، وقيل: اهتزت أي تحركت حركة عظيمة فكان كمن يعالج ذلك بنفسه وربت أي تشققت فارتفع ترابها وخرج منها النبات وسما في الجو مغطيا لوجهها وتزخرفت بذلك النبات كأنها بمنزلة المختال في زيه لما كانت قبل ذلك كالذليل.

.الفوائد:

1- تأثير القرآن في نفس عتبة:
أدركت قريش أن أساليبها في صد الدعوة الاسلامية عن المصي في طريقها لم تنجح وانه لابد من اللجوء إلى عمل آخر فتشاوروا على عادتهم وانتدبوا عتبة بن ربيعة لكي يذهب إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم يفاوضه في ترك الدعوة على أن يجمعوا له الأموال حتى يصير أغنى قريش ثم يجعلوا له الرياسات التي يصبح بها أرفعهم مقاما وأعزهم ملكا أو يلتمسوا له الطب حتى يبرأ من هذا الذي يأتيه فينطقه بكلام عجيب، وقد استمع النبي إلى عتبة صابرا، فلما انتهى قال له: «أفرغت يا أبا الوليد؟ فقال: نعم، قال له النبي: فاستمع مني» ثم أخذ يتلو عليه قوله تعالى: {حم تنزيل من الرحمن الرحيم} ومضى رسول اللّه يتلو على زائره سورة فصلت حتى انتهى إلى قوله تعالى: {ومن آياته الليل والنهار} الآية ولما تلا هذه الآية سجد لربه سجودا طويلا ثم رفع رأسه واستوى في مجلسه وأخذ يكمل السورة حتى إذا فرغ منها نظر إلى عتبة فإذ هو ملق يديه خلف ظهره يصغي في هدوء وقد بلغت الآيات منه مبلغا عظيما، قال له النبي: قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك، فلم يعقب عتبة بكلمة وانصرف مهموما يفكر أعمق تفكير في هذا الذي سمع، فما أن رأت قريش صاحبها حتى قال بعضهم لبعض:- فحلف باللّه لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به.
فلما جلس إليهم قالوا له: ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال: ورائي إني سمعت قولا واللّه ما سمعت مثله قط، واللّه ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة، يا معشر قريش أطيعوني وخلّوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه، فاعتزلوه فو اللّه ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم وإن يظهر على العرب فملكه ملككم وعزه عزكم وكنتم أسعد الناس، فقالت قريش: سحرك واللّه يا أبا الوليد بلسانه! فأشاح عنهم وقال: هذا رأيي فيكم فاصنعوا ما بدا لكم.
2- موضع السجدة:
اختلف في موضع السجدة، فهو عند الشافعي {تعبدون} لذكر لفظة السجدة قبلها وعند أبي حنيفة {يسأمون} لأنها تمام المعنى.